تُعد حرفة صناعة الكليم واحدة من أبرز وأقدم الحرف اليدوية في مصر، وخاصة في محافظة الشرقية التي تتمتع بتاريخ طويل في هذا المجال.
تعكس هذه الحرفة تراثًا ثقافيًا غنيًا وتعتبر رمزًا للتقاليد البدوية والمصرية القديمة.
تنتشر صناعة الكليم بشكل خاص في قرى "صان الحجر" و"الصالحية"، حيث تساهم بشكل كبير في الاقتصاد المحلي وتوفر فرص عمل لأهالي المنطقة.
#### *تاريخ حرفة الكليم في الشرقية*
تعود جذور صناعة الكليم في محافظة الشرقية إلى قرون طويلة، حيث كانت القبائل البدوية والمجتمعات الريفية تستخدم الكليم كغطاء للخيام وفرش للأرضيات.
تطورت هذه الحرفة على مر العصور وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من التراث المصري، حيث نُقلت المهارات من جيل إلى جيل عبر العائلات الحرفية.
في العصور القديمة، كان الكليم يُصنع من الصوف والقطن الذي كان يتم غزله يدوياً باستخدام مغازل بسيطة.
مع مرور الوقت، تطورت تقنيات الصناعة وتم إدخال أنوال يدوية أكثر تطوراً، مما ساعد على إنتاج كليم بأشكال وتصاميم أكثر تعقيدًا ودقة.
#### *عملية صناعة الكليم*
تعتبر عملية صناعة الكليم من العمليات التي تتطلب دقة وصبرًا كبيرين.
تبدأ هذه العملية بغزل الصوف أو القطن وتحويله إلى خيوط طويلة.
يتم بعد ذلك تلوين هذه الخيوط باستخدام أصباغ طبيعية أو صناعية، حيث يعتمد الحرفيون على الألوان الزاهية التي تعكس التراث الثقافي للمنطقة.
يتم نسج الخيوط على أنوال يدوية تقليدية، حيث يقوم الحرفي بتشكيل التصاميم التقليدية التي غالبًا ما تكون هندسية أو مستوحاة من الطبيعة.
تتطلب هذه العملية مهارة وخبرة لضمان إنتاج كليم متناسق وجميل.
يمكن أن تستغرق صناعة كليم واحد عدة أيام أو حتى أسابيع، حسب حجم وتعقيد التصميم.
#### *الأهمية الاقتصادية والاجتماعية*
تلعب حرفة الكليم دورًا هامًا في الاقتصاد المحلي لمحافظة الشرقية. فهي توفر فرص عمل لآلاف العائلات في القرى التي تعتمد بشكل كبير على هذه الحرفة كمصدر دخل رئيسي. كما أن الكليم المنتج في الشرقية يُباع في الأسواق المحلية والعالمية، مما يسهم في تحسين مستوى معيشة الحرفيين.
إضافة إلى ذلك، فإن الكليم يعد جزءًا من التراث الثقافي للمنطقة، حيث يُستخدم في المنازل كفرش للأرضيات أو كقطع فنية تزين الجدران. كما يُستخدم في الفعاليات الثقافية والتراثية، مما يعزز من قيمته الاجتماعية والثقافية.
#### *التحديات التي تواجه حرفة الكليم*
رغم الأهمية الكبيرة لحرفة الكليم، إلا أنها تواجه العديد من التحديات التي تهدد استمرارها.
من أبرز هذه التحديات:
1. *نقص المواد الخام*: يعاني الحرفيون من تقلبات أسعار الصوف والقطن، مما يؤثر على تكلفة الإنتاج ويزيد من صعوبة الحصول على مواد ذات جودة عالية.
2. *المنافسة من المنتجات المستوردة*: يواجه الكليم اليدوي منافسة شديدة من المنتجات الصناعية المستوردة، التي غالبًا ما تكون أرخص ثمنًا وأسرع في الإنتاج.
هذا يؤدي إلى تراجع الطلب على الكليم اليدوي في الأسواق.
3. *نقص العمالة المدربة*: مع تراجع عدد الشباب المهتمين بتعلم الحرف اليدوية، يواجه الحرفيون صعوبة في العثور على عمالة مدربة تضمن استمرارية الحرفة.
4. *غياب الدعم الحكومي*: تحتاج حرفة الكليم إلى دعم حكومي أكبر سواء من خلال توفير المواد الخام بأسعار معقولة أو تنظيم دورات تدريبية لتعليم الأجيال الجديدة هذه الحرفة.
#### *الاستدامة والحفاظ على الحرفة*
من أجل الحفاظ على حرفة الكليم وضمان استدامتها، من الضروري اتخاذ خطوات فعالة تشمل:
1. *تشجيع الشباب*: يجب تشجيع الشباب على تعلم الحرف اليدوية من خلال توفير برامج تدريبية ومبادرات تعليمية تسلط الضوء على أهمية هذه الحرف التراثية.
2. *الترويج للمنتجات اليدوية*: يمكن تعزيز الطلب على الكليم اليدوي من خلال حملات ترويجية محلية ودولية، تُبرز جمال وجودة المنتجات اليدوية مقارنة بالمنتجات الصناعية.
3. *التعاون مع القطاع الخاص*: يمكن للحرفيين التعاون مع شركات القطاع الخاص لتسويق منتجاتهم بشكل أفضل والوصول إلى أسواق جديدة.
4. *توفير الدعم المادي*: يمكن للحكومة تقديم دعم مالي أو توفير قروض ميسرة للحرفيين لمساعدتهم على مواجهة التحديات المالية وزيادة إنتاجيتهم.
#### *خاتمة*
تعد حرفة صناعة الكليم في محافظة الشرقية جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي المصري.
ورغم التحديات التي تواجهها، إلا أن هذه الحرفة تمتلك إمكانيات كبيرة للاستمرار والنمو إذا ما تم دعمها بالشكل المناسب.
يجب على المجتمع والحكومة العمل معًا للحفاظ على هذه الحرفة التقليدية وضمان انتقالها إلى الأجيال القادمة، مما يسهم في تعزيز الهوية الثقافية ودعم الاقتصاد المحلي.